او يكون الكاف لمجرد الخطاب دون تعيين المخاطبين- او يقال الكاف ليس لها محل من الاعراب فيتوهم ان الكاف من نفس الكلمة وليست بكاف خطاب وعلى هذا يقول العرب موحدا منصوبة في الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث- او يقال انه خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم على طريقة قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ هذا يدل على ان الكفار غير مخاطبين بالشرائع- او يقال خصهم بالذكر لانهم هم المتعظون المنتفعون بها ذلِكُمْ خطاب الى الناس أجمعين أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ من دنس الآثام فان العضل ان كان عن مطلق النكاح يلزم غالبا وقوعهن في العنت وان كان عن النكاح ممن يرضين مع الإجبار على النكاح ممن لا يرضين يخاف ان لا يقيما حدود الله ويقع الخلع او الطلاق وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فيه النفع والصلاح وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232) لقصور عقلكم وجهلكم بعواقب الأمور.
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ أضاف الأولاد إليهن لتكون باعثا على العطف والأوضاع وهذا امر عبر عنه بالخير للمبالغة وهو للوجوب لكنه نسخ ذلك فيما إذا تعاسرت الامّ من الإرضاع اى لم تقدر ويقدر الأب على الاستيجار ويرتضع الصبى من غيرها بقوله تعالى وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى - او مخصوص بقوله تعالى لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وبقي الحكم فيما سوى ذلك على أصله- ومن ثم قال ابو حنيفه رحمه الله ان استأجر رجل زوجته او متعته لترضع ولدها لم يجز وقال الشافعي يجوز استيجارها- لنا ان الإرضاع مستحق عليها ديانة الا انه عذرت قضاء لظن عجزها حين امتنعت عن الرضاع مع وفور شفقتها فاذا أقدمت عليه بالأجر ظهرت قدرتها وكان الفعل واجبا عليها فلا يجوز أخذ الاجر عليه فان قيل هذا الدليل يقتضى ان لا يجوز استيجار المطلقة بعد انقضاء عدتها لترضع ولدها مع انه جائز اتفاقا- قلنا جواز استيجارها بعد انقضاء العدة ثبت بقوله تعالى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ الاية فظهر بهذا ان إيجاب الإرضاع على الام مقيد بايجاب رزقها على الأب بقوله تعالى وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ففى حالة الزوجية والعدة هو قائم برزقها وفيما بعد العدة ليس عليه رزق فيقوم الاجرة مقامه حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ أكده بصفة الكمال لانه يتسامح فيه وكان مقتضى هذا القيد وجوب الإرضاع الى كمال الحولين لكن لما عقب الله سبحانه بقوله فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما